Youtube
اسطنبول (وكالة فيدس) – فيما يستمر البحث في اسطنبول وكافة المناطق التركية من دون أي نتيجة عن مرتكب الاعتداء الذي حصل ليلة رأس السنة، وفيما تتناقض الآراء بشأن هويته، تصدر على شبكات التواصل الاجتماعي ردود فعل مشحونة بالتوتر وتناقضات تهز المجتمع التركي، ولا تلقى أصداءً في وسائل الإعلام الدولية. قال محلّل تركي للمسائل الجيوسياسية طلب من وكالة فيدس عدم الكشف عن هويته: "النقاش الداخلي يدور حول التطابق بين احتفالات رأس السنة والمبادئ الأخلاقية في الإسلام".
يوم الجمعة الفائت، كانت إدارة الشؤون الدينية (المؤسسة المرتبطة بمكتب رئيس الحكومة) قد أصدرت رسالة للتعبير عن استنكارها للاحتفالات المتوقعة لليلة رأس السنة وحلول العام 2017. وعقب الاعتداء، أدانت الإدارة عينها الإرهاب معلنةً أن الطبيعة الشريرة للاعتداء لا تغيّر "واقع أن الضحايا كانوا في ملهى رقص أو مكان عبادة". في غضون ذلك، يتدفق في وسائل التواصل الاجتماعي سيل من الرسائل التي يُكتب فيها أن الضحايا يستحقون مصيرهم.
وسط التناقضات الكثيرة، تتسلل نظريات متآمرة مختلفة من حيث طبيعتها. فيقول البعض في تعليقاتهم الوحشية أن مالك مبنى رينا يبدو أنه يهودي، وأن مدراء الملهى ينتمون إلى الجماعة العلوية.
وخلال الاعتداء، تبيّن أن المعتدي، الذي يبدو حسب وسائل الإعلام التركية والكردية أنه شاب جهادي من قرغيزستان في الثامنة والعشرين من عمره، أنه قاتل محترف. فقد عثرت الشرطة في الملهى على 180 خرطوشة فارغة، ما يدل على أن القاتل غيّر ستة مخازن ذخيرة لسلاحه في العتمة و بدم بارد، وسط صراخ وأنين ضحاياه، مُنهياً حياة الجرحى الذين كانوا يسقطون أرضاً.
إن اختيار الهدف أوضح الجهة التي تُوجّه إليها "الرسالة": الملهى الأكثر شهرة وغلاءً في اسطنبول "الأوروبية" الذي يرتاده أجانب معظمهم من العرب والذي يبعد خطوات عن ساحة أورتاكوي، حيث كان يقام أغنى حفل لليلة رأس السنة، وحيث تتواجد الشرطة بكثافة. كانت هناك أيضاً دوريات بحرية للقوى الأمنية التي أنقذت الأشخاص الذين رموا أنفسهم في مياه البوسفور المتجمدة هرباً من القتل. في ذلك المكان، كان الزبائن الأغنياء معتادين على الذهاب متباهين في سيارات الجاغوار أو الفيراري. وقبل أعوام، كان يتم الدخول عبر كاشف المعادن. أما في الليلة التي حصلت فيها المجزرة، لم يكن هناك سوى حارس واحد كان أول الذين قتلهم الإرهابي. وفي تبني الاعتداء الذي انتشر على الإنترنت ونُسب إلى الدولة الإسلامية (داعش)، وُصف الإرهابي بـ "الجندي البطل" الذي هاجم مكاناً "كان يحتفل فيه المسيحيون بعيدهم الوثني".
وف ما يتعلق بالتحليل الذي ينتشر بشأن السياق الإقليمي والجيوسياسي الذي حصل فيه الاعتداء، أشار الأب كلاوديو مونهي، رئيس الرهبنة الدومينيكية في اسطنبول، حيث يدير أيضاً مركز الحوار بين الأديان والثقافات، إلى "السياسات الكثيرة التي يضعها قادة يلعبون دوراً مزدوجاً ويستمرون في الاستفادة من العنف والصدامات بين الثقافات والأديان متظاهرين بأنهم يناضلون من أجل السلام والأمن في البلدان والجماعات الموكلة إليهم". ذكر الأب مونهي أيضاً جملة من المقدّمة عن موضوع رسالة البابا فرنسيس ليوم السلام العالمي: "ينبغي أن نتحرك في إطار الممكن مفاوضين بشأن سبل السلام، حتى حيث تبدو السبل المذكورة غامضة أو غير عملية. هكذا، يكتسب اللاعنف معنى أوسع وجديداً: ليس فقط كتوق، ورغبة، ورفض أخلاقي للعنف والحواجز، والدوافع المدمرة، بل كنهج سياسي واقعي ومنفتح على الرجاء". (وكالة فيدس 3/1/2017)