حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) - "لا يمكن للبشرية أن تستسلمَ لقوة الأنانية السلبية وللعنف، وليس عليها أن تتعودَ على الصراعات التي تسبب وقوعَ ضحايا وتضعُ مستقبل الشعوب في خطر. أمام التوترات التي تهدد هذا الوقت وأمام حالات التمييز العنصري خاصةً، أمامَ الظلم والتعصب الديني، والتي تهددُ المسيحيين بصورةٍ خاصة، أوجّه مرةً أخرى دعوتي إلى عدم الاستسلام إلى اليأس". هذا ما حثّ به البابا بندكتس السادس عشر خلال ترأسه للقداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس في اليوم الأول من العام الجديد، والذي تحتفل به الكنيسة بعيد مريم القديسة أمّ الله وباليوم الرابع والأربعين للسلام العالمي حول موضوع: "الحرية الدينية، طريقُ السلام".
ودعا قداسة البابا الجميعَ للصلاة "لكي تحقق الجهود التي تقومُ بها أكثرَ من جهة، أهدافها المنشودة من أجل تعزيز وبناء السلام في العالم" وذكرَ بأن "في هذه المهمة الصعبة، الكلماتُ ليست كافية، بل يتطلبُ الالتزامَ الحقيقي والثابت من مسؤولي الأمم. ومن الضروري أيضًا أن يمتلأ كلّ إنسانٍ من روح السلام الحقيقي، لكي يطلبه دومًا في الصلاة ويعيشه في العلاقات اليومية في أيّ محيطٍ كان".
وفي صلاة التبشير الملائكي التي تلاها قداسته ظهر نفس اليوم من نافذة مكتبه الخاص مع المؤمنين المجتمعين في ساحة مار بطرس، عاد البابا إلى موضوع السلام، قائلاً: "يسوعُ المسيح هو سلامنا. أتى ببذرة الحبّ والسلام إلى العالم، وهي أقوى من بذرة الكراهية والعنف، لأن اسمَ يسوع يعلو فوق كلّ اسم ويحتوي كلّ سمو الله، كما أعلن النبي ميخا...". ومن بين التحديات التي تواجه البشرية اليوم، تكلم البابا عن موضوع الحرية الدينية والذي كرّس لأجله رسالته ليوم السلام العالمي لهذا العام، وأكّد بقوله: "نواجه اليوم نزعتين متناقضتين، وكلتيهما سلبيتان: العولمة من جهة والتي تهمّشُ الدينَ، بطريقةٍ كثيرًا ما تكون خدّاعة، لتحدده في دائرةٍ محصورة. ومن جهةٍ أخرى الأصولية والذي بالعكس، يسعى لفرض الدين على الجميع بالغصب... حيث يُعترَفُ بالحرية الدينية واقعيًا، هناكَ تُحترَمُ كرامةُ الشخص البشري في جذورها و، من خلال بحثٍ صادق عن الحقيقية والخير، يتثبتُ الوعيُ الاخلاقي وتتقوى المؤسساتُ ذاتها وكذلك التعايش المدني. ولذلك الحرية الدينية هي طريقٌ خاص لبناء السلام".
وأعلن قداسة البابا بندكتس السادس عشر، وبمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لليوم العالمي للصلاة من أجل السلام والذي أقيمَ في أسيزي بدعوةٍ من البابا يوحنا بولس الثاني عام 1986، أنهُ سيُقام في شهر أكتوبر القادم، حجٌ في مدينة القديس فرنسيس "داعيًا جميعَ الإخوة المسيحيين من مختلف الطوائف، أتباع الديانات في العالم، وجميع البشر ذوي الإرادة الصالحة، لينضموا إلى هذه المسيرة"، بهدف إحياء ذكرى الحدث التاريخي "لتجديد التزام المؤمنين من جميع الأديان على عيش إيمانهم كخدمةٍ لتحقيق السلام".
وذكرَ البابا الاعتداءَ الخطير على الجماعة المسيحية القبطية في الأسكندرية في مصر، وذلك في صلاة التبشير الملائكي ليوم الأحد 2 يناير بهذه الكلمات: "هذا الفعلُ الجبان كوضعٍ قنابل أمام بيوت المسيحيين في العراق لإجبارهم على الرحيل، يسيء إلى الله وإلى البشرية جمعاء التي صلّت البارحة من أجل السلام وبدأت برجاءٍ عامًا جديدًا. أمام استراتيجية العنف هذه، والتي تستهدفُ المسيحيين ولها عواقب على جميع الشعوب، أصلّي من أجل الضحايا والعوائل، وأشجّع الجماعات الكنسية على حفظ الإيمان والشهادة لعدم العنف والتي نستقيها من الإنجيل. يتوجه تفكيري أيضًا إلى جميع الذين يعملون في حقل الربّ المقتولين عام 2010 في مختلف أنحاء العالم. نذكرهم جميعًا بالتساوي أمام الربّ، ولنبقَ متّحدين في المسيح، رجائنا وسلامنا". (SL) (وكالة فيدس 3-1-2011).