بنكوك (وكالة فيدس) رفض كبار العلماء والمثقفين والمفكرين المسلمين في البلدان الآسيوية فكرة مشروع الخلافة الإسلامية التي أعلنها تنظيم داعش (دولة الإسلام في العراق والشام) في العراق وسورية. وكانت هذه الجماعة المتطرفة قد أعلنت في التاسع والعشرين من حزيران الفائت قيام الخلافة بين البلدين الجارين: العراق وسورية، بقيادة أبو بكر البغدادي.
وكما علمت فيدس فإن مسلمي آسيا يعتبرون هذه الظاهرة "إنتهاك صارخ بحق المبادئ الأساسية الإسلامية". ويقول أسعد خان فلاحي إمام مسجد نيو دلهي في الهند: "إن الحرب التي تدور من أجل توسيع رقعة الأرض إقتصاديا تعارض المبادئ الإسلامية، كما وأنها تُعتبر جريمة خطيرة. فإن سحق أرواح الناس، وتدمير ممتلكات الآخرين لا يعبّـر بأي شكل من الأشكال عن "الجهاد"، وبالنتيجة، من غير المسموح أن تسمّى هذه خلافة".
ففي الهند، حيث يبلغ عدد المسلمين نحو 130 مليونا، يقول الداعية الإسلامية وحيد الدين خان: "كل من يعلن نفسه خليفة يستغل أسس الإسلام، ويهين الشريعة". ويوافق سيد جلال الدين العمري، رئيس المنظمة الإسلامية "Jammat-e-Islami Hind" القول بأن داعش انتهكت كل القواعد لإعلان الخلافة الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك يقول العمري: "نحن ندين بشدة أعمال العنف التي تجري في العراق باسم الإسلام، كما في كل مكان من العالم".
أما في بنغلادش فيقول كازي نور الإسلام، أستاذ الدين والثقافة الإسلامية في جامعة دكا أن: "الخلافة الإسلامية ليست إفتراض واقعي"، ويذكّـر المفكر المسلم ميسباهور رحمن شاودهوري بأن: "الإسلام يقوم على الديمقراطية، وليس هناك من مكان للخلافة بعد". أما في أندونيسيا، أكبر بلد مسلم في العالم، فإن المنظمة الأكثر تأثيرا في البلاد والمعرفة بنهضة العلماء، أدانت بدورها الخلافة التي كان قد أعلنها تنظيم داعش. وتركز منظمة نهضة العلماء على وصايا الله. فالمنظمة لا تقبل بأي شكل الخلافة، وتقيّم تنظيم داعش على أنه خطيئة. هذا ما أعلنه العالِم في منظمة نهضة العلماء مالك مدني.
وبدورها، إتخذت "المحمدية"، ثاني أكبر منظمة إسلامي في أندونيسيا، على لسان أمينها العام عبد المعطي، موقفا من تصرفات تنظيم داعش، شاجبة العنف والصراع في خضم الواقع السياسي قائلا: "علينا أن نرفض تنظيم داعش إذا ما أردنا أن نكون مسلمين حقيقيين وجيّدين". وأضاف قائلا بأن "الإسلام براء من هؤلاء". أما في بيكاسي، في ضواحي جاكرتا، فيقول أحد الزعماء المسلمين هناك أن جماعته "ترفض دعوات داعش لتجنيد المسلمين للقتال في جنوب غرب آسيا. أما في ماليزيا، فيقول الزعيم المسلم عبد مويس بحري "لا أجد حتى سببا واحدا يحمل المسلم على دعم داعش التابع للقاعدة، إذ يقتلون البشر ويسفكون دم الأبرياء".
الجميع إذن متفقون على أمر أنه: على كل العلماء المسلمون أن ينشروا الوعي بين الناس بأن تنظيم داعش لا يلتزم شروط الإسلام الصحيح، وبأنه "لا يوجد أسوء من رؤية الإسلام يتقاتلون مع بعضهم باسم الإسلام". فمن المستحسن إذن عدم الإنضمام لتنظيم داعش، وإلى معاركه.
يُذكر بأن الإسلام الآسيوي، والمنتشر خارج حدود العالم العربي، هو الأكبر عددا: إذ يعيش في العالم العربي ما يناهز الـ 300 مليون مسلم، أما في باقي دول آسيا (من باكستان وصولا إلى أندونيسيا، وآسيا الوسطى) فيعيش حوالي 690 مليون مسلم، وهم بالتالي ضعف إسلام العرب تقريبا. هذا، وإنتشر الإسلام في الكثير من المناطف بالطرق السلمية، وذلك عبر التجار العرب الذين تجانسوا مع الثقافة المحلية، ونشروا الإسلام بهدوء، وانفتاح وتسامح.
(وكالة فيدس 25-07-2014)