بيروت (وكالة فيدس) – في لبنان، يتسم زمن الميلاد بتغطية إعلامية فريدة تخصصها وسائل الإعلام التابعة لحزب الله للاحتفالات المسيحية. في يوم الميلاد، كرمت إذاعة النور ميلاد المسيح من خلال باقة من الترانيم الدينية. كما تميزت برامج الشبكة التلفزيونية الرئيسية للحزب السياسي الشيعي بتمنيات عيد الميلاد الموجهة إلى المسيحيين. وكانت النشرات الإخبارية تكرس حيزاً واسعاً لاحتفالات عيد الميلاد، مسلطة الضوء على مشاركة ممثلي حزب الله في الاحتفالات الرسمية، ومشددة على اسم "النبي" الذي يعترف به الإسلام ويطلقه على "يسوع، ابن مريم". بدورها، وزعت السفارة الإيرانية في بيروت بطاقات معايدة احتفاءً بميلاد "النبي يسوع، ابن مريم".
وقال الأب بول كرم ، المدير الوطني للجمعيات التبشيرية الحبرية في لبنان، لوكالة فيدس: "إن اهتمام عدة وسائل إعلامية مسلمة بالاحتفالات الميلادية يذكر بالميزة التقليدية للحياة اللبنانية حيث يتشاطر المسيحيون والمسلمون مؤانسة اجتماعية بما في ذلك على صعيد الأعياد الدينية. عندما كنت صغيراً، وقبل الحرب، أتذكر أن أهلي كانوا يزورون جيراننا المسلمين بمناسبة رمضان وأعياد إسلامية أخرى، فيما كانوا هم يزوروننا في عيدي الميلاد والفصح. وخلال هذه الأيام، أتى إلى الرعية العديد من الأطفال المتحدرين من عائلات اللاجئين السوريين المسلمين البالغ عددها 20 والتي استقبلت في الحي، للحصول على هدايا ميلادية صغيرة، على غرار أطفال اللاجئين المسيحيين".
إن موقف مختلف الشرائح الدينية والسياسية اللبنانية إزاء احتفالات الميلاد المسيحية تعكس جزئياً منطق الانتماء إلى الفصائل المتعارضة في إطار المرحلة الحساسة والمتقلبة التي تمر بها بلاد الأرز. فإن الوسائل الإعلامية التابعة للتيار الوطني الحر – الحزب المسيحي الماروني الذي يرأسه الجنرال ميشال عون والمتحالف مع حزب الله الشيعي – على سبيل المثال أولت أهمية كبيرة لحملات الجماعات السلفية المحلية المعارضة لعيد الميلاد المسيحي، مشيرة إلى الطابع السني للأصولية السلفية. ووثّقت تقارير موسّعة الضغوطات الممارسة على بلدية طرابلس – المدينة التي يبرز فيها بشكل هام نفوذ الجماعات السلفية – في سبيل الحد من زينة الميلاد في الشوارع والساحات، التي تعتبر تجديفية ومنافية للتعاليم الإسلامية.
بالتوازي مع الحملات التي حركها مختلف الزعماء الإسلاميين والجماعات الإسلامية في بلدان أخرى ذات الأكثرية المسلمة، قام المسؤول السلفي عمر بكري فستق – المعروف باسم آية الله توتنهام بسبب الدور الرئيسي الذي أداه في الخلايا الإسلامية في لندن خلال إقامته في المملكة المتحدة – في لبنان بتحذير المسلمين من المشاركة في الاحتفالات المسيحية مع شركائهم في الوطن المعمّدين، واصفاً هذه العادة الممارسة من قبل العديد من المسلمين بأحد أشكال الهرطقة المنافية للإسلام الحقيقي. (وكالة فيدس 03/01/2013).