حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) - في عيد ظهور الربّ، 6 يناير 1989، أعلن قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني عن نيته لعقد جمعية خاصّة لسينودس الأساقفة من أجل أفريقيا، الأولى في تأريخ الكنيسة. وفي لوليو 1990 في لومي (توغو)، وبمناسبة اجتماع الأساقفة الأفريقيين، طُبِعت الخطوط العريضة لتعطي إنطلاقة لمرحلة التأمّل والإعداد التي انتهت بتحرير ورقة العمل التي طُبعت في فبراير 1993 في كامبالا (أوغاندا)، خلال الزيارة الراعوية التاسعة لقداسة البابا إلى أفريقيا.
الافتتاح الكبير للجمعية الخاصّة لسينودس الأساقفة من أجل أفريقيا، باستخدام مواد مأخوذة من الثقافة الأفريقية، حول موضوع "الكنيسة في أفريقيا ورسالتها الإنجيلية نحو عام 2000: ستكونون شهودًا لي (أعمال 1، 8)"، تمّ الاحتفال به في بازيليك القديس بطرس يوم الأحد 10 أبريل 1994. ولمدّة شهر تطرّق آباء السينودس إلى موضوع التبشير من خمسة جوانب: إعلان الرسالة، الأقلمة، الحوار، العدالة والسلام، وسائل الاتصال الاجتماعية.
لم يستطع المشاركة في هذا الحدث التأريخي أساقفة رواندا، "الذين كانوا يواجهون مأساةً فاجعة مرتبطة أيضًا باغتيال رئيسي رواندا وبروندي"، كما قال قداسة البابا في موعظته. وتأثرت أعمال السينودس بالأخبار المأسوية التي كانت تصل من رواندا: وفي 14 أبريل احتفل قداسة البابا بالقدّاس الإلهي من أجل الشعب الرواندي وأطلق أعضاء السينودس "نداءً قويًا" من أجل المصالحة ومفاوضات السلام في رواندا.
وفي "رسالة إلى شعب الله" التي كتبها آباء السينودس في ختام أعماله، 8 مايو 1994، عرّف المشاركون ال315 السينودس بـ"سينودس القيامة، سينودس الرجاء". وبعد إكرام الجهد البطولي للمبشرين من مختلف الأجيال، أكّدت الرسالة على بداية مرحلة جديدة في تأريخ التبشير في القارة الأفريقية. "في فعل الشكر من أجل نعمة الإيمان التي اقتبلناها، ومدفوعين بفرحٍ كبير، نتوجّه نحو عام 2000 المقبل - كتب آباء السينودس في ختام رسالتهم -. نحن مملوءون من الرجاء ومصممون على تقاسم البشرى السارة للخلاص في يسوع المسيح".
وفي 14 سبتمبر 1995 بدأ قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني رحلته السابعة والستين التي حملته للمرة الحادية عشرة إلى أفريقيا، وبالتحديد إلى ثلاثة دول - الكاميرون، جنوب أفريقيا، كينيا - من أجل المرحلة الاحتفالية للجمعية الخاصّة لسينودس الأساقفة المكرّسة لأفريقيا ولمدقشقر، والتي طُبع فيها الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس "الكنيسة في أفريقيا". وللمرّة الأولى وقّع الأبُ الأقدس وثيقة رسمية خارج حاضرة الفاتيكان وخارج روما، كما تدل ملاحظة قبل التوقيع: "أعطيَ في يواندو، في الكاميرون، 14 سبتمبر، عيد ارتفاع الصليب المقدس، لعام 1995، السابع عشر لحبريته".
وفي 15 سبتمبر، في كاتدرائية سيدة الانتصارات في يواندو، عاصمة الكاميرون، ترأس قداسة البابا القسم الاحتفالي من السينودس، وأطلق في موعظته نداءً أمام مجموعة عرقية مختلفة، وأمام الانقسامات والتحديات التي تسم القارة الأفريقية: "لا تسمحوا للاختلافات والمسافات بينكم بأن تقسمكم، بل اعملوا بالأحرى كي تصبح مناسبة ونداء لاكتشاف واقتسام الغنى الكبير لقلب المسيح".
وفي ظهر يوم الأحد 17 سبتمبر 1995، ترأس يوحنا بولس الثاني القسم الثاني الاحتفالي للسينودس من أجل أفريقيا في كاتدرائية جوهانسبرغ، في جنوب أفريقيا. "الروح يحثّ الكنيسة في أفريقيا لتكون كنيسة رسالةٍ تصبح بحدّ ذاتها إرسالية"، أكّد البابا في حديثه، ذاكرًا بعدها "ملايين اللاجئين والعدد المتزايد من المشردين في الأرض الأفريقية" لأسباب مختلفة منها أنّهم "إخوتنا وأخواتنا، يحتاجون إلى مساعدة الجماعة الدولية، إلى مساعدة أفريقيا ذاتها".
وفي ظهر يوم 20 سبتمبر 1995، ترأس قداسة البابا القسم الاحتفالي الثالث للسينودس في حديقة القيامة في نايروبي، في كينيا. وكما فعل في يوندي وفي جوهنسبرغ، سلّم يوحنا بولس الثاني نسخة من الإرشاد الرسولي "الكنيسة في أفريقيا" إلى ممثلي الأساقفة والكهنة والرهبان والعلمانيين، وبذلك أراد تسليم ثمرة السينودس الأفريقي لجميع أعضاء كنيسة القارة. "انتهى السينودس. ولكنه بدأ لتوّه - قال قداسة البابا-. المسيرة الواجب اتباعها لن تكون سهلة، ولكن على كلّ عضو في عائلة الله في أفريقيا - أساقفة، كهنة، شمامسة، أكليريكيين، راهبات ورهبان، علمانيين، رجال ونساء - على الجميع الثقة بوعد الربّ: "ها أنا معكم كلّ الأيام حتّى انتهاء العالم". (متى 28، 20). (SL) (وكالة فيدس 15-11-2011).