آسيا / كوريا الجنوبية - الأخت استر والشباب الكوري الشمالي وعمل المصالحة (الصامت)

الجمعة, 3 يناير 2025

بقلم باسكال رزق

سيول (وكالة فيدس) - شهدت كوريا الجنوبية " كانون اول مروع ". بين الاضطرابات السياسية والارواح التي قضت في حادث تحطم الطائرة الأخير ، لا يبدو أن غيوم الحزن والالم تغادر سماء "أرض الصباح الهادئ".

مع افتتاح عام 2025 بمناسبة الذكرى الثمانين لتحرير كوريا وانقسامها ، يفتتح اليوبيل العام للرجاء أيضا بالمرسوم البابوي "Spes non confundit" (الرجاء لا يخيب ). وهذا بالضبط الرجاء "الموجود في قلب كل شخص" هو الذي يقود كاثوليك كوريا إلى المضي قدماً يومياً.
تشهد على ذلك أيضا الأخت إستر ، التي ترافق إحدى مجموعتي الشباب المولودين في كوريا الشمالية ، الذين فروا منذ سنوات مع أمهاتهم والذين استقروا الآن في كوريا الجنوبية منذ حوالي عشر سنوات.

فخورون ومصممون ، يدرسون جميعا بجد ، كما يأخذوا على محمل الجدّ الحاجة الملحة للاندماج بشكل كامل في سرعة العيش في العاصمة المتطورة. في تاريخهم الشخصي ، واجهوا عقبات وانفصال. "قبل عشر سنوات ، كان 200 لاجئ سياسي يصلون كل شهر إلى هذه المنطقة وحدها. اليوم ، يصل شخص واحد كل ستة أشهر. بعد كوفيد ، تم إغلاق الحدود ولا تزال الرقابة قوية"، توضح الأخت إستر بالما، وهي مرسلة إسبانية تنتمي مع أخواتها - بلجيكية وإسبانية وكورية وبولندية - إلى جماعة خدام إنجيل رحمة الله: جماعة شابة تعمل منذ 18 عاما في دايجون، خامس أكبر مدينة في كوريا الجنوبية.

منذ وصولها إلى كوريا تعمل الأخت إستر في خدمات رعوية متعددة وتتناوب ، جنبا إلى جنب مع آخرين ، على مرافقة مجموعة صغيرة من عشرات الأشخاص تسمى 영한우리 - نحن الشباب ، بتنسيق من الآباء الفرنسيسكان. يعقد اجتماعهم المعتاد في سيول مرة واحدة في الشهر ، ويستمر حوالي ساعتين ، وينتهي بقداس وعشاء معا. "يبدأ الاجتماع عادة بمحادثة غير رسمية وألعاب لكسر الجليد. بالنسبة للكوريين بشكل عام والكوريين الشماليين بشكل خاص ، يعد الخجل سمة مرئية ، ولذا فهم بحاجة إلى وقت للانفتاح والشعور بالراحة مع الآخرين. لانّ المجموعة تلتقي بانتظام ، يتعرف الشباب على بعضهم البعض ويشعرون براحة أكبر
مع مرور الوقت ". "وفي النصف الثاني من اللقاء، يتم تطوير الموضوعات حول السلام والمعرفة الشخصية. لا زالوا في ربيع العمر ويتساءلون أكثر عن وجودهم ومستقبلهم".

انّ الخروج من كوريا الشمالية دائما معقد للغاية وحرية التنقل محدودة للغاية ، إن لم تكن معدومة. "وصل معظم الشباب في سن الثامنة أو التاسعة. اليوم ، هم في العشرينات من العمر ، مما يعني أنهم موجودون في كوريا الجنوبية منذ حوالي عشر سنوات. في البداية ، يغادرون كوريا الشمالية مع أمهاتهم ، حيث انّه يمكن للنساء التنقل بحرية أكبر من الرجال. بسبب الاقتصاد ، يذهبون إلى الصين لبيع البضائع ويختفون للأبد بمساعدة "السماسرة". بمجرد وصولهم إلى الصين ، إذا تم القبض عليهم ، فإنهم يخضعون للترحيل ، لأنهم لا يملكون أوراق وقد دخلوا بشكل غير قانوني. هذا هو المكان الذي يأتي فيه نوع آخر من "الوسطاء" ، الذي يأخذهم إلى تايلاند أو لاوس ، إلى سفارة كوريا الجنوبية "، تضيف الراهبة ، مؤكدة أن كل شيء مخطط له مسبقا وأن الأمر يتطلب الكثير من المال لتنفيذ هذه العمليات. "يمكن أن يعيدوا بناء حياتهم في الصين ، ويجدون أشخاصا طيبين ويشكلون عائلة جديدة ، ويتخلون عن متابعة الرحلة إلى كوريا الجنوبية."
وبمجرد منحهم صفة اللاجئ السياسي بعد عملية اختيار طويلة، يمنحون جواز سفر، وبمجرد دخولهم كوريا الجنوبية، يعاد توجيههم إلى المكاتب المختصة ويخضعون لمزيد من الفحص. "هذه العملية مرهقة عاطفيا وإنسانيا" ، تلاحظ الأخت إستر من غرناطة.

خلال إقامتهم في مراكز اللاجئين يمكن أن يحدث أول "اتصال" بعمل الكنيسة الكاثوليكية. تتيح لهم مرحلة التدريب التي تستغرق ثلاثة أشهر اكتساب المعرفة حول النظام المصرفي والتعليمي والديني، لفهم "كيفية عمل المجتمع". يتم تشجيع الشباب على مواجهة مختلف الجماعات الإيمانية والروحانية، وبفضل اللقاءات مع رجال ونساء الدين في المركز، يمكن أن يولد الفضول الأول بفضل المودة والشعور بالحماية التي يختبرونها. يمكن للقاء والاختبارأن يؤدي بهم إلى اختيار الحصول على سرّ المعمودية واختيار الكاثوليكية.

"بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في ذلك ، توفر الأخوات مراكزهم لفترة ما بعد التنشئة. في ذلك الوقت ، يحصل الأعضاء بالفعل على جواز سفر كوري جنوبي وبطاقة هوية وهاتف محمول. توضح الراهبة الإسبانية: "مع أشكال مختلفة من المساعدة والسكن والمنح الدراسية ، عادة ما يتم تقديم الدعم حتى يتكيف الشخص مع المجتمع ، أي حتى يندمج من خلال العثور على وظيفة والعيش بشكل مستقل".

حتى عندما لا يختارون أن يصبحوا كاثوليكيين ، يشارك الشباب في هذه المجموعات المعروفة باسم "النادي او الاندية". يمكنك أن تلمس شعور قوي بالفخر في خيارتهم ولكنّهم في قلوبهم ، يحملون مخاوف بشأن أحبائهم الذين تركوهم ، والذين يفتقدونهم كثيرا ، لأنهم ليسوا متأكدين من أنهم سيجدونهم. إنهم يؤمنون بإمكانية تغيير مصيرهم مع تجنب الكشف عن أصولهم والتهرب من أسئلة مثل "أين قمت بخدمتك العسكرية؟" أو "هل زرت أجدادك خلال عيد تشوسيوك؟" ، وهي أسئلة شائعة في محادثات الشباب. يفعلون ذلك لتجنب تصنيفهم على أنهم أقل شأنا وفقراء وشيوعيين ، كما هو الحال في كثير من الأحيان. لقد سئموا من تكرار قصصهم، حتى لأولئك الذين يظهرون اهتماما حقيقيا.

بعد عامين من الدراسة المكثفة للتحدث باللغة الكورية، تمكنت الأخت إستر بالما وأخواتها بصبر من فرضض وجودهم واحترامهم كعاملات حقيقيات في خدمتهن لرسالة الكنيسة في كوريا. "في هذا العمل حول إدارة العواطف ، أود أن أساعد الجميع على اكتشاف مواهبهم ومهاراتهم وضعفهم لفهم ما تم استدعاؤهم إليه ، وما هو مسار الحياة الذي يريدون اتخاذه. أود أن أنقل لهم رجاء الله ورحمته في الحاضر والمستقبل، حتى لا يعلقوا في الماضي"، تتابع الأخت إستر. "الشفاء العاطفي تدريجي ، لأنهم صغار. امّا طريقة العمل مع البالغين هي مختلفة ". وتضيف الراهبة: "الصورة الإيجابية لكوريا الشمالية هي السبيل الوحيد لإيجاد السلام والمصالحة".

في رسالته بمناسبة يوم الصلاة لعام 2021 من أجل المصالحة والوحدة للشعب الكوري ، حث أسقف تشونتشون الحالي سيمون كيم جو يونغ الكاثوليك على الاستمرار في تلاوة أبينا بأمانة ، السلام على مريم والمجد لله من أجل السلام في شبه الجزيرة الكورية في الساعة 9 مساء ، كل مساء ، حتى يتم تحقيق الرغبة. "بالإضافة إلى الصلاة من أجل السلام، دعونا نعمل من أجل السلام أينما كنا: في العائلات والأحياء والجماعات الرعوية وفي المجتمع. في الوقت نفسه، دعونا نتذكر إخواننا وأخواتنا في كوريا الشمالية ونحاول تعزيز التضامن معهم من خلال تشجيع المبادرات المتبادلة بطرق مختلفة، وبناء العلاقات ومشاركة المحبة"، قال الأسقف " وهي كلمات لا يزال العديد من الكاثوليك الكوريين يتبعونها حتى اليوم.

انقسمت كوريا الشمالية والجنوبية منذ أكثر من سبعين عاما. وعلى الرغم من أن لجنة الأبرشية للمصالحة وتوحيد الشعب الكوري موجودة في جميع الأبرشيات، فإن الرغبة الحقيقية الملموسة هي الاستمرار في العيش في سلام.

وفقا للاستطلاع حول التصور العام لتوحيد الكوريتين ، الذي صدر في أوائل تشرين الاول/ أكتوبر من قبل معهد دراسات السلام والتوحيد التابع لجامعة سيول الوطنية ، قال 35 في المائة من المستجيبين إن التوحيد "غير ضروري على الإطلاق" أو "ليس ضروريا بشكل خاص". وتجدر الإشارة إلى أن الدراسات الاستقصائية التمثيلية، كما هو الحال هنا، تستند إلى إجابات من 1,200 بالغ، 47.4٪ منهم تتراوح أعمارهم بين 19 و 29 عاما. هذا جيل يخشى ألا ينجح ، على الرغم من حقيقة أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ينمو بشكل ملحوظ منذ الركود. وفي هذا الصدد، فإن تركيز الشركات السائد في كوريا الجنوبية، والذي غالبا ما يكافئ الشعور بالولاء على المهارة، قد يفسر سخرية وخيبة أمل العديد من الشباب الذين لديهم آفاق عمل. لا يزال الجيل الأكبر سنا يشغل غالبية الوظائف ، ويكافح الشباب لإيجاد فرص للترقية أو لمجرد دخول التسلسل الهرمي للشركة. بالإضافة إلى ذلك ، فإن كثرة الشركات الكبيرة في كوريا الجنوبية جعلت الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للشركات الصغيرة وقللت من عدد الوظائف المتاحة. (وكالة فيدس 3/1/2024)


مشاركة: