البابا خلال المقابلة العامة يتحدث عن القديس جوفاني ليوناردي "صورة الكاهن المشعة"

الخميس, 8 أكتوبر 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) – بمناسبة الذكرى المئوية الرابعة لوفاة القديس جوفاني ليوناردي، مؤسس رهبنة أم الله، والذي أسهم في إنشاء مجمع حبري للإرساليات، مجمع " Propaganda Fide" "نشر الإيمان"، وفي ولادة معهد نشر الإيمان الأورباني، الذي نشّأ، عبر مر العصور، آلاف الكهنة - عدد كبير منهم شهداء – لتبشير الشعوب، خصص البابا بندكتس السادس عشر تعليمه يوم الأربعاء 7 أكتوبر خلال المقابلة العامة، للحديث عن حياة وأعمال هذا القديس.
وقال البابا إن مثال صورة القديس المشعة، هو مثال لجميع الكهنة في هذه السنة الكهنوتية. ألحقه والده في إحدى الدورات العادية في الصيدلة في لوكا، ليصبح صيدلياً في المستقبل. ولنحو عقد من الزمن، كان الشاب جوفاني ليوناردي يقظاً ودؤوباً وحاضراً، ولكن عندما حصل على الاعتراف الرسمي الذي كان سيؤهله لفتح صيدلية، بحسب قانون لوكا، بدأ يفكر إذا ما حانت الساعة لتنفيذ المشروع الذي كان دائماً في قلبه. بعد تفكير ناضج، قرر سلوك درب الكهنوت. وهكذا ترك الحانوت وانصرف الى التنشئة اللاهوتية، وسيم كاهناً واحتفل بقداسه الأول يوم عيد الدنح من عام 1572. ولكنه لم يتخلى عن اهتمامه للصيدلة، بل إنه شعر بأنه بواسطة الصيدلة سيتمكن من إتمام دعوته، أي أن ينقل للبشر – من خلال الحياة المقدسة – "دواء الله"، الذي هو يسوع المسيح المصلوب والقائم، "مقياس كل شيء".
وإنطلاقاً من مبدأ أن كل الكائنات البشرية تحتاج الى هذا الدواء أكثر من أي شيئ آخر، عمل القديس جوفاني ليوناردي ليكون اللقاء مع المسيح أساس وجوده. كان غالباً يردد: "من الضروري أن نبدأ من جديد إنطلاقاً من المسيح". كانت أولوية المسيح بالنسبة إليه أساس الحكم والعمل، والمحرك الرئيسي للنشاط الكهنوتي، في وقت انتشرت فيه حركة التجدد الروحي في الكنيسة بفضل المؤسسات الدينية الجديدة، وبفضل شهادة قديسين مثل كارلو بوروميو، فيليبو نيري، اغناطيوس دي ليولا، جوزيبي كالاسانسيو، كاميلو دي ليليس ولويجي كونزاغا. كرس نفسه بحماس للعمل بين الشباب من خلال جمعية العقيدة المسيحية، وجمع حوله مجموعة من الشباب ومعهم، أسس في سبتمبر 1574 ، جمعية الكهنة المصلَحين من قبل العذراء الطوباوية، والتي أصبحت فيما بعد رهبنة خدام أم الله. وكان يطلب من رسله ان يضعوا نصب أعينهم "شرف ، وخدمة ، ومجد يسوع المسيح المصلوب"، وكونه صيدلي معتاد على تحديد الجرع، كان يضيف: "ارفعوا قلوبكم لله أكثر من ذلك بقليل، ومعه تعاطوا مع الأشياء".
وقال البابا "إن صورة هذا القديس المشعة تدعو المسيحيين عامة، والكهنة بنوع خاص، الى التوق الى "غاية الحياة المسيحية" التي هي القداسة، كل بحسب وضعه. فقط من الأمانة للمسيح، ينبع تجدد الكنيسة الحقيقي. خلال تلك السنوات، مرحلة العبور الثقافي بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، بدأت ملامح الثقافة المعاصرة المستقبلية بالظهور، متميزة بالفصل بين الإيمان والعقل، الذي أدى الى تهميش الله، موهماً الإنسان بأنه سيد ذاته، وبأنه قادر على العيش "كما لو كان الله غير موجود". إنها أزمة الفكر الحديث، الذي تحدثت عنها أكثر من مرة، والتي تظهر غالباً بشكل النسبية. لقد عرف جوفاني ليوناردي الدواء الحقيقي لهذه الشرور الروحية، ولخصه بالقول: "المسيح أولاً"، المسيح في القلب، وهو محور التاريخ والكون. وكان يشدد بالقول بأن ما تحتاجه البشرية هو المسيح لأنه هو "مقياس حياتنا". لا يوجد محيط لا تمسه قوته؛ لا يوجد شر لا يجد الشفاء فيه، ولا توجد مشكلة لا تجد الحل فيه. "المسيح أو لا أحد"! هذه هي وصفته لكل نوع من الإصلاح الروحي والاجتماعي.
وأضاف البابا إن ليوناردي فهم بأن كل إصلاح يتم داخل الكنيسة وليس ضدها أبداً. وفي هذا المجال كان القديس جوفاني ليوناردي مثالاً رائعاً. إن كل إصلاح يطال بالطبع الهيكليات، ولكن عليه بدرجة أولى أن ينحفر في قلوب المؤمنين. وحدهم القديسون – رجال ونساء يقودهم الروح القدس، مستعدون للقيام بخيارات جذرية وشجاعة على ضوء الإنجيل – يجددون الكنيسة ويسهمون في بناء عالم افضل.
في ختام المقابلة العامة، وخلال التحيات بلغات مختلفة وجه البابا تحية خاصة الى الكاردينال إيفان دياز رئيس المجلس الحبري لتبشير الشعوب والى رؤساء وطلاب المعهد الأورباني الحبري فقال: أيها الأصدقاء الأعزاء، فليساعدكم مثال القديس جوفاني ليوناردي في عملكم الإرسالي في خدمة الكنيسة. أحيي كهنة معهدي القديس بطرس والقديس بولس الحبريين، وأتمنى للجميع سنة اكاديمية مثمرة". (وكالة فيدس 8-10-2009)


مشاركة: