البابا خلال زيارته الى كنيس روما: " إن مأساة المحرقة تمثل النقطة الأكثر تطرفاً على طريق الكراهية والتي تبدأ عندما ينسى الإنسان خالقه ويضع نفسه في مركز الكون"

الاثنين, 18 يناير 2010

روما (وكالة فيدس) – "إن مأساة المحرقة تمثل النقطة الأكثر تطرفاً على طريق الكراهية والتي تبدأ عندما ينسى الإنسان خالقه ويضع نفسه في مركز الكون". هذا ما قاله البابا بندكتس السادس عشر في كلمته التي القاها يوم الأحد في كنيس روما.

وبداية ذكر البابا بزيارة يوحنا بولس الثاني الى الكنيس منذ 24 عاماً حيث أراد "أن يقدم إسهاماً حاسماً في تعزيز العلاقات الطيبة بين جماعتينا، وذلك للتغلب على كل سوء فهم وأحكام مسبقة"، مشيراً الى أن زيارته هذه هي استمرار لهذه المسيرة التي بدأت.

واستشهد البابا بتعليم المجمع الفاتيكاني الثاني الذي بات مرجعية ثابتة "لموقفنا وعلاقاتنا مع الشعب اليهودي، مما يمثل مرحلة جديدة وهامة"، كما وذكر بزيارته الى
إلى الأراضي المقدسة في شهر مايو من العام الماضي، وزيارته للكنيس في كولونيا وفي نيويورك." وذكر قداسته بان الكنيسة "لم تتردد الكنيسة في شجب اخفاقات أبنائها وبناتها، وطلب الصفح عن كل ما أسهم - بأي حال من الأحوال- في معاداة السامية ومعاداة اليهودية، وقال: " فلتلتئم هذه الجراح إلى الأبد!"
وقال البابا إن مرور الوقت "يسمح لنا أن نرى في القرن العشرين مرحلة زمنية مأساوية للإنسانية... إن مأساة المحرقة تمثل النقطة الأكثر تطرفاً على طريق الكراهية والتي تبدأ عندما ينسى الإنسان خالقه ويضع نفسه في مركز الكون."
وذكر بندكتس السادس عشر باليهود الرومان الذي اختطفوا من منازلهم، والذي قتلوا بوحشية في أوشفيتز. وقال: "للأسف، وقف العديد غير مبالين، ولكن كثيرين، بمن فيهم كاثوليك إيطاليون، وإنطلاقاً من إيمانهم والتعاليم المسيحية، عملوا بشجاعة، وفي كثير من الأحيان معرضين حياتهم للخطر، وفتحوا أذرعهم لمساعدة الهاربين من اليهود، مكتسبين بذلك العرفان الأبدي. الكرسي الرسولي نفسه، قدم المساعدة، وغالباً بطريقة خفية وسرية." وقال البابا إن هناك " دروس كثيرة يمكن استخلاصها من تراثنا المشترك المستمدة من الشريعة والأنبياء: أولاً، التضامن الذي يربط الكنيسة بالشعب اليهودي "على مستوى هويتهم الروحية"، والذي يقدم للمسيحيين الفرصة لتعزيز "تجديد الاحترام للتفسير اليهودي للعهد القديم؛ تعتبر الوصايا العشر المنبثقة عن توراة موسى نوراً مشعاً للمبادئ الأخلاقية والرجاء والحوار، نجمة إيمان وأخلاقيات مرشدة لشعب الله، ونوراً مرشداً لدرب المسيحيين. تشكل منارة وقاعدة حياة في العدالة والمحبة، "مدونة أخلاقية عظيمة" للبشرية جمعاء".

وأضاف البابا أن "الوصايا العشر" تدعونا إلى احترام الحياة وحمايتها من كافة أشكال الظلم والانتهاك، مدركين قيمة كل إنسان خلق على صورة الله ومثاله". "فكم مرة –تابع متسائلاً - تتعرض فيها الكرامات والحريات وحقوق البشر للسحق في كل أنحاء العالم القريب والبعيد!"، مشدداً على أن "الشهادة المشتركة لقيمة الحياة السامية بوجه كل أشكال الأنانية تشكل إسهاماً مهماً لعالم جديد تسود فيها العدالة والسلام".

"إن كافة الوصايا تتلخص في محبة الله والحنو المحب تجاه القريب". تحث هذه القاعدة اليهود والمسيحيين على ممارسة سخاء خاص في زماننا تجاه الفقراء والنساء والأطفال والغرباء والمرضى والضعفاء والمحتاجين...في ممارسة العدالة والرحمة، يدعى اليهود والمسيحيون إلى إعلان مجيء ملكوت السامي الذي نصلي ونعمل من أجله يومياً، ويدعون إلى الشهادة له"

وأوضح بندكتس السادس عشر ان المسيحيون واليهود يتشاركون في إرث روحي مشترك. "إنهم يصلون لرب واحد، ويتمتعون بجذور مشتركة، إلا أنهم كثيراً ما يجهلون بعضهم البعض" ودعا الى الحفاظ على الحوار والاحترام المتبادل وتنمية الصداقة والشهادة المشتركة "أمام تحديات زماننا التي تدعونا إلى التعاون من أجل خير البشرية في هذا العالم الذي خلقه الله الكلي القدرة والرحيم".
وختم البابا مصلياً للشرق الأوسط والأرض المقدسة: "امنح سلامك لهذه الأراضي المقدسة، للشرق الأوسط والعائلة البشرية جمعاء؛ حرك قلوب الذين يدعونك ليسيروا بتواضع على درب العدالة والرحمة" (وكالة فيدس، 18-01-2010 )


مشاركة: