رسالة الكاردينال برتوني إلى الكهنة في الصين بمناسبة السنة الكهنوتية: "كونوا منفتحين بثقة على المستقبل"

الاثنين, 16 نوفمبر 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) بعث أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال ترشيسو برتوني برسالة الى جميع كهنة الكنيسة الكاثوليكية في جمهورية الصين الشعبية بمناسبة السنة الكهنوتية. وشدد الكاردينال في الرسالة التي صدرت في 10 نوفمبر 2009 على المصالحة ضمن الجماعة الكاثوليكية والحوار المحترم والبناء مع السلطات المدنية، من دون التخلي عن مبادئ العقيدة الكاثوليكية. وقال: "في سبيل مواجهة الأوضاع الكنسية والاجتماعية والسياسية الراهنة التي تعيشون في ظلها، وبغية التقدم على درب المصالحة والحوار، من الضروري أن تغرفوا النور والقوة من منبعي الروحانية الكهنوتية، وهما محبة الله واتباع المسيح بصورة غير مشروطة".
وأكد برتوني للكهنة أن الكرسي الرسولي يدرك الأوضاع الصعبة والمعقدة التي يعيشونها. وأشار الى أنهم "رعاة شعب الله في بلاد شاسعة جغرافياً وديموغرافياً". "لا تظنوا أنكم أنتم وحدكم الذين تواجهون هذه المشكلة. إنكم تشاركون أوضاع العديد من إخوتكم في أنحاء أخرى من العالم، الذين "يحافظون في ظل المصاعب وحالات سوء الفهم على الأمانة لدعوتهم كـ "أحباء المسيح" الذي دعاهم باسمهم واختارهم وأرسلهم إلى العالم."
وقال برتوني: "غالباً ما نجزع عندما ننظر إلى العالم المحيط بنا. كثيرون هم الأشخاص الذين يجب إطعامهم! أين نجد الخبز لكل هؤلاء البشر؟ كيف لنا أن نساعد يسوع في رسالته مع كل نقاط ضعفنا؟ في التعليق حول نص إنجيل يوحنا ، يذكرنا الأب الأقدس مجدداً بإجابة الرب: "من خلال وضع ذواتهم الضعيفة بين يديه "المقدستين والموقرتين"، نصبح نحن الكهنة وسائل خلاص لكثيرين، للجميع! ... وفي مدرسة القديس جان ماري فياني، يجب أن نتعلم كيفية مطابقة أنفسنا مع الخدمة التي نلناها...لقد عرف خوري آرس القديس كيفية التحاور مع الجميع لأنه كان رجل صلاة: إن فن الحوار على مختلف الصعد نتعلمه من الحوار مع الله في صلاة مستمرة وصادقة.
"في سنة الكهنوت هذه، أود أن أذكركم بالمنبع الذي تستمدون منه القوة للأمانة لرسالتكم المهمة. إن سر الافخارستيا، سر الشركة، ومنبع الحياة الكنسية والتبشير وذروتهما، يعتبر محور درب المصالحة. حتى ولو تم الاحتفال بسر الافخارستيا في جماعة معينة، إلا أنه ليس أبداً احتفال تلك الجماعة وحدها. يجب على الجماعة الافخارستية الحقيقية ألا تنغلق على ذاتها حتى ولو كانت مكتفية ذاتياً، بل أن تحافظ على شركتها مع كل الجماعات الكاثوليكية الأخرى. فكل احتفال بسر الافخارستيا يفترض الاتحاد ليس فقط مع الأسقف المحلي وإنما أيضاً مع البابا وكل الأساقفة والإكليروس وشعب الله أجمع.
ووجه برتوني كلمة الى الأساقفة فقال: "أيها الإخوة الأعزاء في الأسقفية، أود أن أذكركم أن درب كهنتكم نحو القداسة قد أوكلت إلى عنايتكم الرعوية"... تظهر التجربة اليومية أن بذور التفكك بين البشر متجذرة في البشرية نتيجة الآثام، إلا أن الكنيسة قادرة على تقديم قوة جسد المسيح لبناء الوحدة.
وأضاف: "على الرغم من عدم ثبات الوسائل المتوفرة، إلا أنه لا بد من اتخاذ خطوات لضمان الاهتمام بالدعوات وتوفير تنشئة متينة في الجوانب الإنسانية والروحية والفلسفية واللاهوتية والرعوية في الإكليريكيات والمعاهد الدينية، وذلك من أجل مستقبل الكنيسة في الصين"..."فليكن الاحتفال بسنة الكهنوت فرصة لإطلاق مبادرات داعمة لحياة الإكليريكيين في بلادكم. هكذا تتمكنون أيها الأساقفة الأعزاء من إيلاء اهتمام خاص لتنشئتهم من خلال زيارتهم في الإكليريكيات وإظهار اهتمامكم العميق بالتدريب الذي يحظون به هناك، على المستويين الروحي والأكاديمي." "إن التنشئة المستمرة للكهنة "مطلب جوهري في الخدمة السرية؛ كما تظهر الحاجة إليها في كل زمن. إنها ملحة بخاصة في أيامنا الحالية، ليس فقط بسبب التغيرات السريعة في الظروف الاجتماعية والثقافية للأفراد والشعوب الذين تمارس الخدمة الكهنوتية في وسطهم، وإنما أيضاً بسبب هذا "التبشير الجديد" الذي يشكل المهمة الأساسية والملحة للكنيسة في نهاية الألفية الثانية".
وذكر برتوني بوصية يوحنا بولس الثاني فقال: "من الممتع تمضية بعض الوقت معه، والميل إلى صدره كالتلميذ الحبيب، والشعور بالمحبة اللامتناهية الموجودة في قلبه." أما عن المصالحة الروحية للقلوب فتسائل أمين سر الفاتيكان: "ماذا تفعلون أمام الانقسامات والمآسي الدائمة القائمة أيضاً في الجماعة الكاثوليكية؟" ...يجب ألا ننسى أن "جماعة التلاميذ لم تعش فقط فرح الروح القدس ونعمة الحقيقة والمحبة منذ البداية، وإنما عاشت أيضاً المحن التي سببها الاختلاف حول حقائق الإيمان، والجراح التي قاستها الشركة. وكما أن رفقة المحبة كانت موجودة منذ البداية وهي مستمرة حتى النهاية ، كذلك وجد الانقسام للأسف منذ البداية. لذا يجب ألا نتفاجأ بقيامه حتى الآن".
وحتم برتوني: "يدعى كل أسقف أبرشية إلى استخدام وسائل الشركة والتعاون الأساسية ضمن الجماعة الكاثوليكية الأبرشية: الكوريا الأبرشية، المجلس الكهنوتي، مجمع المستشارين، المجلس الرعوي الأبرشي والمجلس المالي الأبرشي. هذه الوكالات تعبر عن الشركة، وتؤيد مشاركة المسؤوليات المشتركة، وتساعد الرعاة الذين يستطيعون الاستفادة من التعاون الاخوي للكهنة والمكرسين والمؤمنين العلمانيين". (وكالة فيدس 16-11-09)


مشاركة: