البابا خلال المقابلة العامة: "إذا طلبت الشفاء الروحي فانتبه على ضميرك. كل ما يقوله لك افعله وستجد ما هو نافع لك"

الخميس, 17 سبتمبر 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) – تحدث البابا بندكتس السدس عشر يوم الأربعاء خلال المقابلة العامة عن سمعان اللاهوتي الجديد الذي أثرت كتاباته بشكل لافت على لاهوت وروحانية الشرق، وبشكل خاص في ما يتعلق بخبرة الاتحاد الصوفي بالله. وقال البابا: "وجد سمعان اللاهوتي الجديد في هذا النص تعليمًا أثر به كثيرًا: "إذا طلبت الشفاء الروحي فانتبه على ضميرك. كل ما يقوله لك افعله وستجد ما هو نافع لك". منذ ذلك الحين – يخبر القديس عن ذاته – لم يعد يرقد قبل أن يسأل ضميره عما إذا كان لديه شيئًا ما يوبخه عليه". دخل سمعان في دير ستوديوس، إلا أن خبراته الصوفية وإخلاصه الفائق لأبيه الروحي سبب له المصاعب. وانتقل من ثم إلى دير صغير مكرس للقديس ماماس في القسطنطينية، وبعد ثلاث سنوات أضحى رئيس الدير (igumeno). وهناك عاش خبرة بحث مكثف عن الاتحاد الروحي بالمسيح أسبغ عليه سلطانًا كبيرًا. ومن الأهمية بمكان أن نوضح أنه نال لقب "اللاهوتي الجديد"، رغم أن التقليد يحفظ لقب "اللاهوتي" لشخصيتين: الإنجيلي يوحنا وغريغوريوس النازيانزي. تألم من سوء الفهم ومن المنفى، ولكن بطريرك القسطنطينية، سركيس الثاني، أعاد اعتباره. قضى سمعان اللاهوتي الجديد القسم الأخير من وجوده في دير القديسة مارينا حيث كتب القسم الأكبر من كتاباته، وأضحى أكثر شهرة لأجل تعاليمه ولأجل عجائبه. ومات في 12 مارس 1022.
وأضاف البابا إن سمعان يركز تفكيره على حضور الروح القدس في المعمدين وعلى الوعي الذي يجب أن يتحلوا به لهذا الواقع الروحي. "ويشير إلى أن الحياة المسيحية هي شركة حميمية وشخصية مع الله؛ فالنعمة الإلهية تنير قلب المؤمن وتقوده نحو الرؤية الصوفية لله. في هذا الخط، يشدد سمعان اللاهوتي الجديد على أن معرفة الله الحقة لا تأتي من الكتب، بل من الخبرة الروحية، من الحياة الروحية. تولد معرفة الله من مسيرة تطهير داخلي، تبدأ مع ارتداد القلب، بفضل قوة الإيمان والحب؛ وتمر عبر توبة عميقة وتوجع صادق على الخطايا، للوصول إلى الاتحاد بالمسيح، منبع الفرح والسلام، وقد اجتاحنا نور حضوره فينا. بالنسبة لسمعان، خبرة النعمة الإلهية هذه لا تشكل هبة فريدة تمنح لبعض المتصوفين، بل هي ثمرة المعمودية في وجود كل مؤمن ملتزم حقًا".
واشار بندكتس السادس عشر الى أنه إذا "كنا بعدل نعتني بنمونا الجسدي، الإنساني والفكري، فكم بالحري علينا ألا نهمل نمونا الباطني الذي يتألف من معرفة الله، معرفة حقة لا نتعلمها فقط من الكتب، بل معرفة داخلية، في الشركة مع الله، لكي نختبر عونه في كل لحظة وفي كل ظرف. بالعمق، هذا ما يصفه سمعان عندما يسرد خبرته الصوفية. فمنذ صباه، قبل دخوله إلى الدير، بينما كان يطيل الصلاة في بيته في إحدى الليالي، وإذ كان يستجدي عون الله في صراعه ضد التجارب، رأى الغرفة تمتلئ نورًا. وعندما دخل الدير، قدموا له كتبًا روحية لكي يتثقف لكن قراءتها لم تكن لتحوزه السلام الذي كان يطلبه. وكان يشعر – كما يخبرنا هو بالذات – كعصفور فقير دون أجنحة. وقبل بتواضع هذه الحالة، دون أن يثور، وعندها بدأت رؤى النور تتضاعف من جديد. ولكي يتأكد من أصالتها، طلب سمعان إلى المسيح مباشرة: "يا رب، هل هذا أنت حقًا هنا؟" وسمع الرد الإيجابي يتردد في قلبه، وشعر بتعزية وافرة".
أيها الأصدقاء الأعزاء – أضاف البابا - تبقى هذه الخبرة هامة بشكل خاص بالنسبة لنا اليوم لكي نجد المعايير التي تعلمنا إذا ما كنا حقًا قريبين من الله، وإذا كان الله يعيش حقًا فينا. حب الله ينمو فينا فقط إذا بقينا متحدين به بالصلاة والإصغاء لكلمته، وبانفتاح القلب. وحده الحب الإلهي يجعلنا نفتح القلب على الآخرين ويجعلنا نبيهين على احتياجات الآخرين، فنعتبرهم إخوة وأخوات، ويحضنا على الإجابة بحب على البغض وبالغفران على الإساءة. بتأملنا بشخصية سمعان اللاهوتي الجديد، يمكننا أن نستخلص عنصرًا جديدًا من روحانيته. في مسيرة الحياة التقشفية التي عرضها وعاشها، يسبغ الانتباه والتركيز الكبير الذي يخصصه الراهب للخبرة الداخلية أهمية كبيرة على الأب الروحي في الدير. كما سبق وقلنا، إن سمعان الشاب بالذات وجد مرشدًا روحيًا ساعده جدًا وحفظ القديس ذكرًا طيبًا عنه، لدرجة أنه حفظ له تكريمًا عامًا بعد موته. وأود أن أقول أن الدعوة للسعي إلى نصيحة أب روحي صالح تحافظ على أهميتها بالنسبة للجميع – كهنة، مكرسين وعلمانيين، وخصوصًا للشباب – أبٍ روحي يستطيع أن يرافق كل منا نحو معرفة عميقة لذاته، ويقوده إلى الاتحاد بالرب، لكي يطابق وجوده أكثر فأكثر الإنجيل. نحن بحاجة في مسيرتنا نحو الرب للهداية والحوار. لا يمكننا أن نقوم بذلك معتمدين فقط على تفكيرنا. وهذا هو أيضًا معنى كنسية إيماننا، أن نجد هاديًا.
في ختام كلمته قال البابا أن سمعان سمح للحب أن يقوده. "عرف أن يعيش وأن يعلم رهبانه أن الأمر الأساسي بالنسبة لكل تلميذ من تلاميذ المسيح هو النمو في الحب وبهذا الشكل ننمو في معرفة المسيح بالذات، لكي نتمكن أن نصرح مع القديس بولس: "لست أنا من أحيا بل المسيح يحيا في" (وكالة فيدس 17-9-09)


مشاركة: