البابا خلال المقابلة العامة: " إن مثال القديس بيار دامياني يدفعنا إلى النظر دومًا إلى الصليب كفعل الحب الإلهي الأسمى نحو البشرية، حبٌ وهبنا الخلاص"

الثلاثاء, 8 سبتمبر 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) – خلال تعليم الأربعاء تحدث البابا بندكتس السادس عشر عن القديس بيار دامياني، "الراهب المولع بالوحدة، ورجل الكنيسة الثابت الملتزم شخصيًا بعمل الإصلاح الذي أطلقه بابوات زمانه ...الذي تميز في حقل الآداب المتنوعة: من الأدب إلى الوعظ، من سير القديسين إلى الصلوات، من الشعر إلى الأمثال الحكمية. كان حسه الجمالي يحمله إلى التأمل الشعري بالعالم. كان بيار دامياني يرى العالم كـ "مَثَل" لا ينضب وكسلسلة من الرموز، يتم الانطلاق منها لتفسير الحياة الداخلية والواقع الإلهي والفائق الطبيعة." "دفعه التأمل في مُطلق الله إلى التجرد رويدًا رويدًا عن العالم وعن واقعه الزائل، للاختلاء في دير "فونتي أفيلانا"، الذي تأسس قبل بضعة سنوات فقط، والذي كان مشهورًا لتقشفه. كتب بيار دامياني لفائدة الرهبان الروحية "سيرة" المؤسس، القديس روموالدو من رافينا، والتزم في الوقت عينه بالتعمق بالروحانية، عارضًا مثاله الرهباني النسكي.
وقال البابا بأن دامياني يرفع إلى الصليب صلوات جميلة جدًا، يبين فيها عن نظرة خاصة لهذا السر الكوني الأبعاد، والذي يعانق كل تاريخ الخلاص: "أيها الصليب الطوباوي، إن إيمان الآباء، مع محفل الأنبياء، ومجلس الرسل المحاكم، وجيش الشهداء الظافر، وحافلة كل القديسين، جميعهم يكرمونك ويبشرون بك.
واشار البابا الى أن "مثال القديس بيار دامياني يدفعنا نحن أيضًا إلى النظر دومًا إلى الصليب كفعل الحب الإلهي الأسمى نحو البشرية، حبٌ وهبنا الخلاص. ولعيش الحياة النسكية، قام هذا الراهب العظيم بصياغة قانون يشدد فيه بقوة على "جدية المنسكة": في صمت الحصن، يتلقى الراهب الدعوة إلى عيش حياة صلاة، ليل نهار، وإلى عيش التقشف والصوم؛ يجب أن يقوم بعيش المحبة الأخوية السخية وجهوزية الطاعة للرئيس. في الدرس والتأمل اليومي للكتاب المقدس، اكتشف بيار دامياني المعاني الصوفية لكلمة الله، ووجد الغذاء لحياته الروحية. بهذا المعنى، يعتبر خلية المنسك كـ "المحضر حيث يخاطب الله البشر". الحياة النسكية هي بالنسبة له قمة الحياة المسيحية، هي "قمة خبرات الحياة"، لأن الراهب، الذي تحرر من قيود العلاقات الأرضية وانعتق من أناه، يتلقى "باكورة الروح القدس ويتحد فرحًا بالعروس السماوي".
هذا الأمر هو مهم في أيامنا أيضًا، حتى ولو لسنا رهبانًا: أن نعرف أن نترك فسحة للصمت في داخلنا لكي نصغي لصوت الله، وأن نبحث عن "المحضر" حيث يخاطبنا الله: تعلم كلمة الله في الصلاة والتأمل هو درب الحياة. إن القديس بيار دامياني، الذي كان جوهريًا رجل صلاة، وتأمل، وتطلع، كان أيضًا لاهوتيًا رفيعًا: إن تأمله بمختلف المواضيع العقائدية حمله أدى به إلى خلاصات حياتية هامة... "إن الشركة مع المسيح تخلق وحدة الحب بين المسيحيين. في الرسالة 28، التي هي مقولة عبقرية في الإكليزيولوجيا، يوسع بيار دامياني لاهوتًا كنسيًا عميقًا، فيفهم الكنيسة كشِرْكة. يكتب القديس: "كنيسة المسيح هي واحدة بفضل رباط المحبة، ولذا كما هي واحدة في أعضاء مختلفة، هي أيضًا بأسرها موجودة صوفيًا في كل عضو؛ لدرجة أن الكنيسة الجامعة بأسرها هي في آن عروسة المسيح بالمفرد، كما وأن كل نفس مختارة، بفضل السر الأسراري، تُعتبر كنيسة بالكامل".
وشدد البابا في كلمته على أهمبة أن تكون الكنيسة متحدة وعلى أن يكون كل من أبنائها حاضر فيها. "إن الصورة التي دمها بيار داميان عن "الكنيسة المقدسة" لم تكن تطابق واقع زمانه، وكان يعرف هذا الأمر جيدًا. ولهذا لم يكن ليخف أن يستنكر حالة الفساد الموجودة في الأديار وبين الكهنة، خصوصًا بسبب عادة منح الخدم الكنسية من قبل السلطات المدنية: فالعديد من الأساقفة ورؤساء الأديار كانوا يتصرفون كحكام نحو مرؤسيهم، لا كرعاة نفوس. وغالبًا ما كانت حياتهم الأخلاقية مدعاة للحسرة.
في الختام قال البابا: "إنها نعمة كبيرة أن الرب أقام في حياة الكنيسة شخصية جذابة، وغنية ومعقدة مثل شخصية القديس بيار دامياني، وليس أمرًا اعتياديًا مصادفة كتابات لاهوتية وروحية عميقة وحية مثل كتابات ناسك فونتي أفيلانا. كان راهبًا بالعمق، مع أشكال من التقشف قد تبدو لنا اليوم متطرفة. ولكنه بهذا الشكل جعل الحياة الرهبانية شهادة بليغة لأولية الله ودعوة للجميع للسير نحو القداسة، أحرارًا من كل المراوغات مع الشر. لقد استهلك وجوده في تماسك واعٍ وصرامة كبيرة، لأجل إصلاح الكنيسة في زمانه. (وكالة فيدس 8-9-09)


مشاركة: