البابا يحاور اطفال مؤسسة الطفولة الارسالية خلال زيارتهم الى روما بمناسبة السنة البولسية ويدعوهم الى "التعرف الى يسوع الاصغاء اليه والى التضامن والصلاة"

الاثنين, 1 يونيو 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) – بمناسبة السنة البولسية، قامت امانة سر العغمل الحبري للطفولة وامانة سر مؤسسة الطفولة الارسالية بتظيم زيارة حج الى روما للاطفال المرسلين القادمين من ايطاليا وبعض البلدان الاوروبية. يوم السبت 30 مايو، التقى البابا بالاطفال وتحاور معهم. ننشر في ما يلي اسئلة الاطفال واجوبة البابا بندكتس السادس عشر نقلاً عن زينيت:

السؤال الأول: اسمي أنّا فيليبوني، عمري 12 سنة، أنا خادمة مذبح، آتي من كالابريا، من أبرشية أوبيدو مارمرتينا-بالمي. بابا بندكتس، صديقي جوفاني ابن لأب إيطالي ولأم إكوادورية وهو سعيد جدًا. هل تعتقد أن الثقافات ستستطيع أن تعيش يومًا بسلام باسم يسوع؟
الأب الأقدس: لقد فهمت أنكم تريدون أن تعرفوا كيف كنا نحن كأطفال نمد يد العون أحدنا للآخر. لقد عشت سنوات المدرسة الابتدائية في بلد صغير يبلغ عدد سكانه 400 نسمة، بعيدًا عن المراكز السكنية الكبرى. ولذا كنا بسطاء جدًا، وفي تلك القرية كان هناك من ناحية مزارعون أغنياء جدًا، وبعضهم أقل غنى ولكنهم كانوا يعيشون برخاء، ومن ناحية أخرى كان هناك العمال الفقراء والحِرَفيون. وكانت عائلتنا قد وصلت إلى القرية من قرية أخرى قبيل بدء المدرسة بقليل، وبالتالي كنا غرباء بعض الشيء بالنسبة لهم، وحتى لكنتنا كانت مختلفة. وبالتالي، في تلك المدرسة، كانت تنعكس حالات اجتماعية مختلفة. ولكن كانت هناك شركة جميلة في ما بيننا. وقد علموني لغتهم المحلية التي لم أكن أعرفها بعد. وتعاونّا بشكل جيد. بالطبع تعاركنا في بعض الأحيان، ولكن بعد ذلك تصالحنا ونسينا ما حصل. وهذا بالنسبة لي أمر مهم. ففي الحياة البشرية يبدو أحيانًا أنه لا بد من الجدل؛ ولكن المهم أن يبقى فن المصالحة والغفران، والبدء من جديد وعدم الاستسلام لمرارة النفس. أذكر بعرفان كيف تعاون الجميع: فكان الواحد يساعد الآخر وكنا كل يسير في سبيله. كنا جميعنا كاثوليك، وهذا الأمر كان بالطبع عونًا كبيرًا. وهكذا تعلمنا سوية أن نعرف الكتاب المقدس، بدءًا من الخلق وحتى ذبيحة يسوع على الصليب، ومن ثم بدء الكنيسة. تعلمنا سوية التعليم الكاثوليكي، وتعلمنا أيضًا الصلاة، واستعددنا للاعتراف الأول، ومن ثم المناولة الأولى: وكان ذلك اليوم يومًا بديعًا. فهمنا أن يسوع يأتي إلينا وأنه ليس إلهًا بعيدًا: بل هو يدخل في حياتي، وفي نفسي. وإذا كان يسوع نفسه يدخل في قلب كل منا، فهذا يعني أن كلنا إخوة، وأخوات، وأصدقاء ويجب علينا أن نتصرف مع بعضنا من هذا المنطلق. بالنسبة لنا، هذا الاستعداد للاعتراف الأول كتطهير لضميرنا، لحياتنا، ومن ثم المناولة الأولى كلقاء ملموس مع يسوع الذي يأتي إليّ، الذي يأتي إلينا جميعًا: هذه الامور كانت عوامل ساهمت في بناء جماعتنا. لقد ساعدتنا للتقدم سوية، ولكي نتعلم أن نتصالح عندما كانت تدعو الحاجة. لقد قمنا باستعراضات صغيرة: المهم أن نتعاون، وأن ننتبه بعضنا لبعض. ومن ثم بعمر 8 أو 9 سنوات صرت خادمًا للمذبح. في ذلك الوقت لم تكن هنالك خادمات للمذبح، ولكن البنات كنّ يقرأن أفضل منا. وبالتالي كنّ يقرأن القراءات الليتورجية، وكنا نحن نقوم بخدمة المذبح. في ذلك الوقت كان هناك الكثير من النصوص اللاتينية التي يجب حفظها، وبالتالي كان لكل منا الجهد الذي يكفيه. وكما سبق وقلت، لم نكن قديسين: فقد كنا نتعارك، ولكن كان هناك فوق كل شيء شركة جميلة، ولم يكن هناك تمييز بين فقراء وأغنياء، أو بين أذكياء وأقل ذكاء. المهم كان الشركة مع يسوع في مسيرة الإيمان المشترك وفي المسؤولية المشتركة، في اللعب وفي العمل المشترك. لقد وجدنا القدرة على العيش سوية، وعلى أن نكون أصدقاء، ورغم أني لم أعد أقطن في تلك القرية منذ عام 1937، أي منذ أكثر من 70 سنة، إلا أننا ما زلنا أصدقاء. وعليه لقد تعلمنا أن نقبل أحدنا الآخر، وأن نحمل حمل الآخرين. وبالنسبة لي هذا الأمر هام: بالرغم من ضعفنا أن نقبل بعضنا، ونجد مع المسيح يسوع ومع الكنيسة سبيل السلام ونتعلم أن نعيش جيدًا.

السؤال الثاني: اسمي لتيتسيا وأود أن أطرح سؤالاً. أيها البابا بندكتس السادس عشر العزيز، ماذا كان يعني لك كطفل شعار: "الأطفال يساعدون الأطفال"؟ وهل فكرت مرة بأن تضحي بابا؟

الأب الأقدس: بالحقيقة لم أفكر قط بأن أصبح بابا، لأني، كما سبق وقلت، كنت ولدًا ساذجًا في قرية صغيرة بعيدة عن المراكز السكنية، وفي مقاطعة منسية. كنا فرحين بأن نكون في تلك المقاطعة ولم نكن نفكر بالأمور الأخرى. بالطبع، تعرفنا على البابا المحبوب والمكرم بيوس الحادي عشر، ولكنه كان بالنسبة لنا سموًا لا يمكن الوصول إليه، كان تقريبًا عالمًا آخر: كان أبانا، ولكن في الوقت عينه كان واقعًا أسمى منا بكثير. ويجب أن أعترف أنني حتى اليوم أجد صعوبة في فهم كيف أن الرب استطاع أن يفكر بي، وأن يدعوني إلى هذه الخدمة. ولكني أقبل هذه الخدمة من يديه، حتى ولو أن الأمر يفاجئني، ويبدو لي أعظم بكثير من قواي. ولكن الرب يساعدني.

السؤال الثالث: أيها الأب الأقدس الحبيب، أنا السّندور. أود أن أسألك: أنت المرسَل الأول، ونحن الأطفال كيف يمكننا أن نساعدك على إعلان الإنجيل؟

الأب الأقدس: أعتقد أن الوسيلة الأولى هي التالية: التعاون مع المؤسسة الحبرية للطفولة الإرسالية. بهذا الشكل تضحون أعضاء في عائلة كبيرة، تحمل الإنجيل في العالم. وبهذا الشكل تضحون جزءًا من شبكة كبيرة. نرى هنا كيف تتألق عائلة الشعوب المتعددة. أنتم جزء من هذه العائلة الكبيرة: وكل منكم يقوم بدوره وتضحون مرسلين معًا، حاملي العمل الإرسالي في الكنيسة. إن برنامجكم جميل، وقد أشار إليه الناطق باسمكم: الإصغاء، الصلاة، المعرفة، المشاركة، التضامن. هذه هي العناصر الجوهرية التي تشكل السبيل لتكونوا مرسلين، وتحملوا نمو الكنيسة وحضور الإنجيل في العالم. أود أن أسلط الضوء على بعض هذه النقاط. في المقام الأول، الصلاة. الصلاة هي واقع: الله يصغي لنا، وعندما نصلي، يدخل الله في حياتنا، ويضحي حاضرًا وعاملاً في ما بيننا. الصلاة هي أمر هام جدًا، وتستطيع أن تغير العالم، لأنها تجعل قوة الله حاضرة. ومن الأهمية بمكان أن نتعاون لنصلي: نصلي سوية في الليتورجية، نصلي سوية في العائلة. وهنا أود أن أتحدث عن أهمية بدء النهار بصلاة صغيرة، واختتام النهار بصلاة قصيرة: تذكير الأهل بالصلاة. الصلاة قبل الغذاء، قبل العشاء، وفي مناسبة اللقاء المشترك للاحتفال بالأحد. فالأحد دون القداس، الذي هو الصلاة الكبيرة المشتركة في الكنيسة، ليس أحدًا حقًا: إذ ينقص قلب الأحد وبالتالي نور كامل الأسبوع. ويمكنكم أن تساعدوا الآخرين – خصوصًا عندما لا توجد عادة الصلاة في البيت، وعندما لا يعرف الآخرون الصلاة – يمكنكم أن تعلموهم الصلاة: الصلاة معهم وبهذا الشكل إدخال الآخرين في الشركة مع الله. ومن ثم، الإصغاء، أي أن نتعلم حقًا ما يقوله يسوع لنا. ثم معرفة الأسفار المقدسة، أي الكتاب المقدس. في قصة يسوع نتعرف – كما سبق وقال الكاردينال – على وجه الله، ونتعلم أن نعرف كيف هو الله. من المهم أن نعرف يسوع بالعمق، وبشكل شخصي. وبهذا الشكل يدخل في حياتنا، ومن خلال حياتنا يدخل في العالم. ثم المشاركة، ألا نريد الأشياء لذواتنا وحسب، بل للجميع؛ أن نتقاسم مع الآخرين. وإذا رأينا أحدًا ما في حاجة، وأنه ليس موهوبًا جدًا، يجب أن نساعده وأن نجعل حب الله حاضرًا دون كلمات كبيرة، بل في عالمنا الخاص الصغير، الذي هو جزء من العالم الكبير. ونضحي بهذا الشكل عائلة، حيث يحترم أحدنا الآخر: أن نتحمل الآخر في آخريته، وأن نتقبل من ليس على مزاجنا، وألا نسمح بأن يتم تهميشه بل أن نساعده على الانخراط في الجماعة. كل هذه الأمور تعني ببساطة أن نعيش في هذه العائلة الكبيرة التي هي الكنيسة، في هذه العائلة الكبيرة الإرسالية: أن نعيش النقاط الهامة مثل المشاركة، معرفة يسوع، والصلاة، والاصغاء المتبادل، والتضامن: هذا هو العمل الإرسالي، لأنه يساعد في جعل الإنجيل واقعًا حيًا في عالمنا.(وكالة فيدس 02-06-2009)


مشاركة: